تعيين مبعوث أميركي إلى غرينلاند يشعل غضب كوبنهاغن ويدفعها إلى استدعاء سفير واشنطن

 تعيين مبعوث أميركي إلى غرينلاند يشعل غضب كوبنهاغن ويدفعها إلى استدعاء سفير واشنطن
الصحيفة - إسماعيل بويعقوبي
الأثنين 22 دجنبر 2025 - 18:32

أثارت خطوة الولايات المتحدة بتعيين مبعوث خاص إلى جزيرة غرينلاند، الإقليم الدنماركي المتمتع بالحكم الذاتي، موجة غضب رسمية في كوبنهاغن، دفعت السلطات الدنماركية إلى الإعلان عن استدعاء السفير الأميركي للاحتجاج وطلب توضيحات بشأن ما اعتبرته مساسا بسيادتها ووضعاً غير مقبول في العلاقات الثنائية.

وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، عبّر بوضوح عن امتعاض بلاده من التعيين والرسائل السياسية المرافقة له، مؤكدا أن الخطوة الأميركية تجاوزت الأعراف الدبلوماسية، ولا يمكن التعامل معها كإجراء عادي، خاصة في ظل الحساسية البالغة التي تحيط بملف غرينلاند ومستقبلها السياسي، مرضحا أن وزارة الخارجية ستطلب خلال الأيام المقبلة توضيحات رسمية من السفير الأميركي في كوبنهاغن حول خلفيات القرار وتوقيته.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن تعيين حاكم ولاية لويزيانا الجمهوري، جيف لاندري، مبعوثا خاصا إلى غرينلاند، معتبرا أن الجزيرة تحتل موقعا.مركزيا في معادلة الأمن القومي الأميركي، وأن المبعوث الجديد سيتولى الدفع بالمصالح الاستراتيجية لواشنطن وضمان أمن حلفائها في المنطقة القطبية.

وجاء هذا التطور في سياق مشحون، بعد أن كشف تحقيق صحافي دنماركي عن تحركات غير معلنة قام بها ثلاثة أميركيين مقربين من ترامب، هدفت، وفق ما أورده التحقيق، إلى التأثير على الرأي العام المحلي في غرينلاند ودفعه نحو الانفصال عن الدنمارك والانضمام إلى الولايات المتحدة. هذه المعطيات وضعت الحكومة الدنماركية في حالة استنفار سياسي، وسط مخاوف من محاولات تأثير خارجي على مستقبل الجزيرة ذات الموقع الجيوسياسي بالغ الحساسية.

وأكد راسموسن، في تصريحات سابقة، أن بلاده تتابع بقلق ما وصفه بتزايد الاهتمام الأجنبي بغرينلاند، مشدداً على أن أي تدخل في الشؤون الداخلية للمملكة الدنماركية مرفوض بشكل قاطع. وفي هذا الإطار، كانت كوبنهاغن قد استدعت القائم بالأعمال الأميركي لعقد اجتماع رسمي خُصص لمناقشة ما ورد في التحقيق، في إشارة إلى حساسية الملف وانعكاساته على العلاقات بين البلدين.

ووفقا للمصادر ذاتها، اعتمدت التحركات الأميركية على مقاربة تستهدف كسب تعاطف شرائح من المجتمع الغرينلاندي عبر إعادة فتح ملفات تاريخية مؤلمة، من بينها قضية الأطفال الذين فُصلوا عن عائلاتهم في تجارب اجتماعية مثيرة للجدل خلال عقود سابقة، وهو الأسلوب، بحسب التحقيق، الذي استُخدم لتقويض صورة الدنمارك داخل الجزيرة وتغذية سردية سياسية تخدم المصالح الأميركية.

وأشارت المصادر إلى أن الأشخاص الثلاثة ظهروا في مناسبات متعددة إلى جانب ترامب، فيما يشغل أحدهم حاليا منصباً يمنحه تأثيرا مباشرا في دوائر صنع القرار الأمني في الولايات المتحدة، حيث رغم ذلك، لم تتوصل السلطات الدنماركية إلى أدلة قاطعة تثبت وجود تنسيق مباشر مع البيت الأبيض، وإن أكدت أنها تراقب الملف بدقة شديدة.

في المقابل، واصل ترامب التعبير علنا عن اهتمامه بغرينلاند، معتبرا إياها ركنا أساسيا في منظومة الأمن القومي الأميركي والدولي، ولم يستبعد استخدام أدوات اقتصادية أو حتى عسكرية لتعزيز نفوذ بلاده في المنطقة، حيث أثار توصيفه السابق للجزيرة بأنها "صفقة يجب أن تتم" انتقادات واسعة، كما زادت زيارة نجله، دونالد ترامب الابن، إلى غرينلاند من حدة التوتر، حيث وصفتها السلطات المحلية هناك بالخطوة الاستفزازية.

ورغم انتماء غرينلاند سياسيا إلى مملكة الدنمارك، فإن موقعها الجغرافي يضعها ضمن قارة أميركا الشمالية، إذ لا تفصلها عن كندا سوى مسافة قصيرة. وتُعد الجزيرة الأكبر في العالم من حيث المساحة، التي تتجاوز مليوني كيلومتر مربع، لكنها في الوقت ذاته من أقل المناطق كثافة سكانية، إذ لا يتجاوز عدد سكانها 56 ألف نسمة.

وتفوق غرينلاند الدنمارك من حيث المساحة بما يقارب خمسين مرة، في حين يفوق عدد سكان الدنمارك سكان الجزيرة بأكثر من خمسة وتسعين ضعفا، ويحيط بتاريخ الجزيرة كثير من الغموض، خصوصا ما يتعلق باختفاء سكانها الأصليين في القرن الخامس عشر، وهي واقعة تعددت تفسيراتها بين فرضيات الهجمات والصراعات أو قسوة المناخ وشدة البرودة.

أما الأهمية العسكرية لغرينلاند، فقد برزت بشكل لافت خلال الحرب العالمية الثانية، حين تولت الولايات المتحدة مسؤولية حمايتها، قبل أن يُتفق لاحقاً على إدراجها ضمن منظومة الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي. وكانت واشنطن قد حاولت عام 1946 شراء الجزيرة مقابل 100 مليون دولار في عهد الرئيس هاري ترومان، غير أن كوبنهاغن رفضت العرض بشكل قاطع، ليعود ترامب ويحيي الفكرة سنة 2019، مثيراً آنذاك موجة استنفار سياسي ودبلوماسي واسعة.

ورغم ذلك، حافظت الولايات المتحدة على وجود عسكري دائم في الجزيرة، حيث أنشأت سنة 1943 قاعدة ثول الجوية، التي تحولت لاحقا إلى مقر لأكبر محطة رادار في العالم، ما جعل غرينلاند جزءا محوريا من الاستراتيجية الأمنية الأميركية في القطب الشمالي.

وحصلت الجزيرة على الحكم الذاتي سنة 1979، وأصبحت تتمتع بحكومة وبرلمان محليين، إلى جانب تمثيلها داخل البرلمان الدنماركي، فيما تبقى الطبيعة القاسية إحدى أبرز سماتها، إذ يغطي الجليد أكثر من 80 في المائة من مساحتها، ما يزيد من تعقيد رهاناتها الاقتصادية والسياسية والأمنية في ظل تصاعد الاهتمام الدولي بها.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...